قد تظن من العنوان بأن الموضوع يخص الصحة، ومساويء الطعام السريع. لا أنكر بأن هذا الموضوع له مكانه على الساحة لكنه ليس ما أريد أن أتكلم عنه.
هل لاحظت أن كل شيء في حياتنا يتصف بالسرعة، حتى أنهم اسموا عصرنا “عصر السرعة”!
الكل على عجل، والجميع بحالة سباق محموم، مع أنه ليس هناك جوائز لمن يصل أولًا، ولا حتى تكريم لمن ينهي ما عليه انهاءه!
بات الانسان يعيش النزال في كل جانب من جوانب حياته، مع أنها حياته التي يعيش! ولم يفكر يومًا لو أنهيت كل شيء بسرعة، ما الذي سأفعله عندها؟ هل عليه عندها أن يموت بسرعة أيضًا؟
يستيقظ على عجل..
يتسابق كي لا يفوته وقت الإشارة الخضراء وهي تغمز له بأنه تأخر..
يتوتر إذا ما كان من أمامه يسير على مهل، حتى لو لم يكن متأخرًا!
يطلب أكلًا سريعًا، ويتذمر لو تأخر طلبه، حتى لو لم يصنف طلبه بأنه سريع!
ثم يأكل بسرعة، وكأن هناك من سيلحق به أو يسرق طعامه!
يجلس ليرتاح فينشغل بعقله وأفكاره السريعة، وينهي وقت راحته بسرعة، ويغفل كل ما يدعوه لها حوله..
يتعجل ليلقى أحلامه، ويتأفف من تأخرها رغم وجود إشاراتها، وأحيانًا يتذمر من تأخرها وهو حتى لم يستعد لوجودها في حياته!
يبحث عن الإبر المعجزة لتخفف وزنه ببساطة ودون بذل الجهد والوقت، وينقب عن الحبة السحرية التي تعيد له صحته، أو تزيده جمالًا!
(خلق الانسان عجولًا).. ليست لتكون لنا حجة نعلق عليها خيباتنا، بل لنتعلم منها الاتزان، فالاستعجال له وقته بالتأكيد، لكنه ليس أسلوب حياة.
توقف للحظات عندما تشرب كوب قهوتك لتستمتع بمذاقه، بحرارة كوبه، ورائحته المميزة التي أغرتك لتشربه.
اهدأ لدقائق وانصت لما يقوله من أمامك، بدلًا من التعجل ليحين دورك في الكلام، فكل من معنا في هذه الحياة معلم لنا.
تناول طعامك الذي تحبه باستمتاع، فلن تشعر بطعمه إلا في فمك. قل لي: لم تتعجل أن تملأ به معدتك إن كنت تحبه لطعمه؟!
أصابتنا حمى السرعة فما عدنا نعيش لحظات حياتنا التي هي حياتنا بالأساس، وإذا ما انقضى العمر قلنا بأن الحياة لا بركة فيها، وبأنها مرت بنا على عجل! مع أن الحياة موجودة هنا ومستقرة الآن، لكننا نحن من نتحرك فيها على عجل، دون تقدير لتفاصيلها التي نحب.