الضياع العاطفي
نشأ معظمنا وهو يحلم بأن يكبر ليكون كبيرًا، ويتصرف كما يحب دون تنبيهات ومنع، ويعيش كما يراه مناسبًا له بلا شروط أو رفض، وليحقق أحلامه التي يتفرد بها. عندما يتخيل ذلك، يتخيل بأن حجمه كبر لكنه لا يفكر ولا يهتم، ولا يعرف من الأساس بأن عليه أن يكبر بفكره، وهذا قد يكون من البعض، ولكن النادر أن يتنبه للنضج مشاعريًا.
يكبر الجميع، وبالفعل تكبر الأحجام والأحلام، ولكن ليس أكثر من ذلك للأغلبية.
صحيح بأن البعض يحقق أحلامه -ربما تكون بسيطة أو نمطية- والمميزون يصنعون حياة مميزة تشبههم، لكن المعظم لا يعرف أو لا يعترف بالنضوج المشاعري والتطور العاطفي وأهمية هذا الجانب، وكأن العواطف لا تتعدى أهميتها في كونها أحد أسماء الفتيات، والمشاعر والأحاسيس أمور جانبية وحالات عرضية تمر بالجميع لكنها من تخصص النساء، ووصمة عار في عقلية ما، وهامش مهمل لا وزن له ولا يستحق الالتفات إليه.
وجود هذه القناعات عن عالم المشاعر والعواطف، والجهل في طرق التعامل معها، أحد أهم الأسباب لحلات الضياع العاطفي التي يعيشها كثير من البشر.
ضياع يربك صاحبه وينتج عنه قرارات لا منطقية، مهما تدخل العقل لمنطقتها أو تعديلها، لا يجد لها تفسيرًا، ولا يستطيع تقويم صاحبها.
ليس هدفي من كتابتي هذه لأدفعك للتشاؤم، ولا لإحباطك، ما أكتبه لك هنا وجهة نظري أذيلها باقتراحات لإنجاد صاحبها.
اعتاد الناس على الهرب من مشاعرهم، أو تجاهلها، أو تضخيمها دون فهمها أو تفهم سبب وجودها في كل الحالات. هم بالعادة على الأطراف المتطرفة من الحلول. الإنكار، الهرب، التضخيم، الاجترار.. كلها طرق مكررة ومستمرة، بلا نتائج مثمرة، واستمرارها واستمرار ما يلازمها من مشاعر واضطرابات داخلية دليل بأنها سلوكيات عقيمة، وتصرفات معتادة يظن بأنها نافعة، قد تكون مؤقتة، لكنها لا تنهي الدوران في نفس الحلقة، لمرات ومرات، قد تكون سنوات!
من معاني كلمة الضياع، التوهان، والضائع هو التائه. وباعتبار أنني هنا أكتب عن الضياع العاطفي فتعريفي سيكون هو التوهان عن جزء أساسي من الذات، الجزء العاطفي منها أو المشاعري.
اعلم بأن هناك من يفرق بين العواطف والمشاعر، لكنني أكتب هنا على أنهما مفردتان مترادفتان.
يتبع
#حب_البنات
#إشراق_حريب
#شيرا_تويتس