اعتمد الكثير من الآباء نهجًا مخالفًا في تربية أبنائهم، بسبب اختلافات متطلبات الحياة وتغير الحياة نفسها، وتعمد كثير منهم أيضًا توفير ما كان ينقصه، وتعنى لتوفيره لعياله، لأنه عاش شعور الحرمان أو الفقد تجاه ذلك، ولا يريد لمن يحبهم أن يعيشوه مثل، أو يكرروا تجاربه. هذه نية طيبة وفكرة قد يكون فيها جزء من الصحة، لكن ليس دائمًا!
التربية ليست رعاية! والأبناء ليسوا مشروع تنفيذ الأحلام!
الرعاية هي توفير المأكل والمشرب واللبس والسكن، لكن التربية هي (اعداد الانسان لمواجهة الحياة). إن افساد الطفل بدلاله غير المدروس والعطايا السطحية بالمادة فقط، دون تعليمه ماهية الحياة ومشاركتها مع الآخرين، يجعله عالة على مجتمعه، بل وربما يكون صاحب أخطاء تجاه غيره، والتي قد لا يفهمها لأنه لم يعرفها! فإعطاء الطفل كل شيء كما يريد مثلًا يجعله على اقتناع بعدم وجود حدود للآخرين، وبأن كل شيء يرغب به له، وبالتالي قد يتناول أي شيء أمامه -مهما كان عمره مستقبلًا- وبلا تفكير أو اعتبار لحدود غيره، لأنه يظن أن ذلك من حقه، وقد يصطدم باختلاف التعاملات في الحياة فيظلم أو يجرح لأنه لا يعرف ما هي حدوده هو وكيف يتعامل مع الحياة بما فيها.
على الجانب الآخر ربما ما تقدمه لأبنائك شيء كنت تحلم به طوال عمرك، أي أنك تحقق أحلامك -أنت- لهم -هم- وتطلب وتطالب بتحقيقها فيهم، وكأنه واجبهم! وهذا من غير العدل، قد لا يتفق أبناؤك في رغباتك معك، وربما لا يريدون ما تلزمهم به، فلهم أحلامهم هم، وقد جاؤوا لتحقيقها في حياتهم وليس في حياتك!
توازن في عطاياك لهم، واجعله دلالًا لا إتلافًا، وتذكر بأنك لست دائمًا لهم، وأمامهم حياة لا تكون بجوارهم في مواقفها مهما حاولت أن تكون.
أنت المسؤول فقط عن تحقيقك لأحلامك الخاصة، فهي أحلامك! ومسؤوليتك تجاههم هي رعايتهم، ومساعدتهم على الاستعداد للتحليق في سماء الحياة ليزدهروا فيها ويزهروها.