في كم مرة لاحظت أن نقاشاً عادياً، تحول لجدل؟
هل كنت من تفاجأ من ثوران بركان محادثك، أم أنك أنت من كان صاحب البركان؟!
قصص مشابهة تتكرر في حياتنا باستمرار، بكوننا طرفاً فيها، أو بمشاهدتها في شاشة حياتنا، لكن لمَ؟
في البيت والعمل والشارع، مع الأهل والأصدقاء، وكلما كانت العلاقات أقرب مسافة أو أطول عمراً، صار النقاش جدالاً، وبات الاختلاف سبباً للاختلاف بشكل أكثر وضوحاً، وربما عنفاً! بل أنه قد يتحول لهجوم وردود شخصية لا علاقة لها بالموضوع، ويتبعها زعل وخصام وربما أكثر!
هل تفكرت قبلاً في سبب تحول حوارات فكرية إلى حرب ضروس؟
هل راقبت كيف يتبدل الكلام البسيط عن لون ما، أو ذوق أو اختيار، إلى مسألة تمس أحدهم؟!
المشكلة على الأغلب عند أبطال هذه القصص هي أنهم يرون بأن الأفكار التي يتكلمون عنها تمثل شخوصهم، بمعنى أنهم يرون بأنها هم!
مع أن الأفكار تتبعنا، وهي ليست جزءاً أصيلاً منا، فنحن نختار منها ما نشاء، كما نختار ثيابنا بالضبط.
عادة ما تختار لون الثياب المناسبة لك، وقد تغيرها عندما يتغير مقاسك. ستتلف بعض ثيابك أو تمل منها، وتقرر بأن عليك أن تستبدلها.
من المعلوم بأنه بعض الملبوسات لن تناسبك ذوقاً، أو لوناً، أو مقاساً، أو شكلاً.
ببداهة.. ليس عليك ارتداؤها!
لن ترتدي لبس رجل الإطفاء، حتى لو أعجبك، إلا لو كنت كذلك! لأنها لا تخدم مهامك، لكنها في نفس الوقت له!
من حق كل أحد اختيار لبس ما يشاء، قد يعجبك ما يرتديه، وقد يعجبك بعضه، لكن ذلك لا يرغمك على أن ترتديها معه أو مثله، بل ترتدي باختيارك وهذا حقك أيضاً.
الأفكار متغيرات، وتغيرها يتبع لتغير الحياة، والتمسك بها يجعل الحياة بلون واحد، ولم تخلق كذلك! فمن الطبيعي أن نتبعها في التنوع ولاختلاف.
الاختلاف باب لمشاركة الحياة وتوسيعها، وليس لتصنيفنا لدرجات وأفضلية، ولا لقولبتنا في نموذج مقبول وغيره لا..
من حقنا كلنا أن نغير مخزوننا منها في كل تفاصيل حياتنا حسبما يخدمنا، بالمعطيات المتغيرة في حياتنا، وتطورنا.
ومن حق غيرنا تبني أفكاره وتغييرها مثلنا تماماً، فهذا حق للجميع.
شخصنة الفكرة، والتعامل مع صاحبها كأنه هي، باب للمشكلات في العلاقات، وطريقة مؤلمة لتعامل بها نفسك، فأفكارك ليست أنت، ولا بأس بأن تغيرها لكونها خطأً -ومن الخطأ نتعلم- أو لأنها كانت صواباً يوماً ما، لكنها لم تعد تفيد.
تقول الحكمة: حياتك من صنع أفكارك، ولم تقل: كن أفكارك!