بدأت الهدايا كتعبير عن الحب، وربما كانت إعلانًا عن الرغبة في القرب أو كاعتذار! وغيرها من نوايا طيبة تهدف للتقارب الإنساني.
نقول: الهدية بهاديها، ويفترض أن نتعامل على أساس ما نقوله، فنتقبل مشاعر الآخر في هديته، ونقدر وقته وجهده وماله، مهما كانت قيمتها، فهي ليست بواجب عليه، وهو المتفضل علينا بها.
المضحك والغريب بأن الهدايا تحولت لواجبات رسمية، ينبغي على من يتلقاها رد ما يتشابه في قيمتها، حتى لو كانت تهز ميزانيته، لللحاق بركب مظاهري مضطرب، قد يكون طرف منه محمومًا بهوس الطبقية المزيف، الذي يظن فيه بأنه الأفضل عندما يدفع أكثر.
باتت الهدايا الثمينة همومًا عند البعض، لأن عليهم رد مثلها لمن أهداهم، وصارت الهدايا تكليف اجتماعي مرهق لمجموعات بالكاد تسدد متطلبات حياتها المعتادة.
هل من الطبيعي ما يحصل؟
هل هؤلاء ملزمون بالتصرف هكذا؟ أم أنهم هم من اختاروا أن يكونوا في مكان لا يشبههم؟
الهدايا لغة المحبين، لكن حولها البعض لثقل يتعب ظهره، ويعاملها كالدين الواجب سداده!
مما لا يعرفه الناس ان من حق المهدى له قبول الهدية أو ردها، فلو رأى بأنها ستفتح عليه أبوابًا لا قبل له بها، أو أنها ستضره رغم أنها هدية! وليس على المهدي أ يستاء من رد هديته، فللآخر حق القبول والرد.
علينا إعادة النظر والتفكير في معاني الهدية، ورمزيتها في حياة البشر، فقد تغيرت معانيها ومفاهيمها ككثير من الأمور في حياتنا. لنا كل الحق في قبولها بحب وامتنان، أو ردها باعتذار إن لم تكن متناسبة مع خيارات حياتنا.
إننا نحن من يكلف نفسه ما لا طاقة به، ونحن من يرهق ذاته بتحميلها ما لا تريد بدعوى المجتمع وكلام الناس!